مصر وقبرص: شراكة استراتيجية لتعزيز أمن المنطقة وأوروبا
العلاقات التاريخية والاقتصادية الممتدة بين مصر وقبرص تبرز نموذجًا ناجحًا للشراكة الإقليمية، خصوصًا في مجال الغاز الطبيعي. تلك الشراكة تتخذ دورًا محوريًا في تحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين، حيث تملك مصر بنية تحتية قوية تشمل محطات إسالة الغاز وشبكات النقل، ما يعزز الاستفادة من موارد الغاز المكتشفة ويسهم في تعظيم الاستغلال الأمثل لهذه الثروات.
وتعد مصر وقبرص مثالًا للتعاون الاستراتيجي في منطقة شرق البحر المتوسط، حيث توفر مصر بنية تحتية متطورة يمكن استغلالها لنقل الغاز الطبيعي والطاقة الخضراء إلى أسواق أوروبا. في هذا السياق، تم إزالة العديد من العقبات التي قد تعيق تنفيذ مشروع خط الأنابيب الذي يربط حقل أفروديت القبرصي بمحطات الإسالة المصرية، مما يعزز من قدرة المنطقة على تلبية احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي بعد أزمة إمدادات الغاز الروسية نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية.
مصر أيضًا تسعى لتحقيق تكامل أكبر في هذا المجال من خلال تطوير حقول غازية جديدة، مثل حقول ظهر ونورس وأتول، بالإضافة إلى تكثيف عمليات البحث في البحر المتوسط. كما تم التخطيط لإنشاء خط أنابيب بحري يربط حقل أفروديت بتسهيلات الإنتاج البحرية لحقل ظهر، ما يتيح ضخ الغاز القبرصي إلى الشبكة القومية للغازات في مصر، لتصديره إلى أوروبا.
يمثل حقل أفروديت القبرصي، الذي يحتوي على نحو 3.6 تريليونات قدم مكعب من الغاز الطبيعي، عنصرًا حيويًا في هذه المعادلة. من المتوقع أن يتم إرسال الغاز من هذا الحقل إلى مصر بين عامي 2027 و2028، حيث سيتم ربطه بشبكة الغاز الطبيعية المصرية. هذا التعاون سيسهم في زيادة احتياطيات الغاز الطبيعي في قبرص ويعزز من الاستفادة من البنية التحتية المصرية المتطورة.
تعتبر محطات إسالة الغاز في دمياط وإدكو بمصر من الركائز الأساسية لهذه الشراكة، حيث تمتلك مصر القدرات اللازمة لتصدير الغاز المسال إلى أوروبا. وهذا يجعل مصر الوجهة المثالية لتحويل الغاز القبرصي إلى طاقة قابلة للتصدير، ويسهم في تحقيق الاستفادة القصوى من موارد الغاز في البحر المتوسط.
في الختام، تشكل هذه الشراكة بين مصر وقبرص علامة بارزة في التعاون الإقليمي بمجال الطاقة، وتعد خطوة استراتيجية نحو تحقيق التكامل الاقتصادي وزيادة التأثير في أسواق الغاز العالمية.
